ماذا تفعلين عندما يعاكسك الشباب

ماذا تفعلين عندما يعاكسك الشباب
يتعرض 45% من الفتيات و20% من السيدات للتحرشات والمعاكسات
 
يتعرض 45% من الفتيات و20% من السيدات للتحرشات والمعاكسات بصورة يومية (30%) منها بألفاظ بذيئة و(40%) بلمس غير لائق تقوم 12% منهن فقط بإبلاغ الشرطة، وتقع 53% من هذه التحرشات في الأماكن العامة في حين تشهد المواصلات 40% منها، أرقام تبدو مفزعة لكنها لا تخلو من الصحة وصار تجاهل ظاهرة المعاكسات والتحرشات أمرا عسيرا ومع اعترافنا بهذا الواقع المرير يلح علي الأذهان سؤال خاص.. فإذا ما تصادف وتعرضت سيدة لموقف مماثل فكيف تتصرف؟

وما رد الفعل الأكثر أمنا وردعا في الوقت نفسه؟! الأمر ليس بسيطا كما يبدو وإنما ينطوي علي قدر كبير من المخاطرة التي نلمسها في حواراتنا مع فتيات وسيدات وحتي رجال تحدثنا إليهم في ذلك. من خاف سلم تؤكد داليا هشام ـ 20 سنة ـ صعوبة الموقف منذ اللحظة الأولي وتقول: أنا عمري ما أقف أرد أو أتخانق مع واحد.. إذا كانت معاكسة كلام حاهمله مهما قال.. لأني ببساطة لو رديت حيعتبرها فرصة وحتي لو شتمته هيعتبره نوع من التجاوب ويقول إنه بشوية محايلة هيبقي كله تمام.. لكن لو زودها قوي يعني أطلب مساعدة حد.. هم بيخافوا جدا لو شافوا حد معاكي.. فلو رحت لواحد شكله محترم في الشارع حيخاف ويمشي.. ثم أنا حأستفيد إيه لما «أهزقه».. ولا حاجة لأنه مايستاهلشي واحتمال يتطاول زيادة.. والأكيدة إنه مش حيتصلح علي إيدي. في الاتجاه ذاته جاء رأي سارة إسماعيل ـ 22 سنة ـ التي بدت شديدة الخجل وهي تقول: «أنا مش باعرف أتصرف أصلا.. يعني بأبقي تضايقة جدا.. بس مش باعرف أعمل إيه.. باخاف لو رديت عليه يزيد فيها.. وماباعرفش أتخانق فبأبعد عنه وبس».

وتقول مريم ـ 37 سنة ـ متزوجة: ما تردوش عليهم.. لأن دول بيئتهم صعبة.. لو في حد من الشرطة يوقفه عند حده لكن انتي لأ امشي أحسن. لكن المشكلة في دول بقي اللي أنا دايما أرد عليهم.. الشرطة.. لما عسكري يعاكسني باقف وأقوله عيب.. عيب عليك المفروض تحمينا مش العكس.. قالت تلك الكلمات ثم أسرعت بالانصراف ليتحول الحوار إلي نجوان محمد ـ 24 سنة ـ التي حاولت جاهدة أن تبدو محايدة ولا تلقي باللائمة علي الشاب وحده فقالت: «لو لابسة محترم ماحدش حيكلمك.. يعني إلا إذا كان وقح» ومع بعض الإلحاح.. وافتراض الوقاحة في الطرف الآخر كان ردها كالآتي: «في الحالة دي أسيبه وأمشي عشان لو رديت حيرد ويزيد فيها إنما لو سكت هيحترم نفسه.. لأنه هو أساسا عاوز البنت تكلمه حتي لو حتشتمه حيفرح بكده قوي».

خدي حقك من غير كلام كانت تتابع الحديث بشغف منذ البداية ثم لم تلبث أن شاركت نعمات عبدالله ـ 40 سنة ـ قائلة: «لأ يا بنتي واحد يعاكس ماترديش.. لو رديتي ممكن يتطاول عليكي.. إنما لو أنا مثلا راكبة أوتوبيس وواحد بيستظرف وللا حاجة.. من غير ما أتكلم باروح بالدبوس ده شكاه.. بسرعة حيلم نفسه ويبعد من غير ولا كلمة لأنه لو فتح بقه حيفضح نفسه وحيتعجن.. لكن أنا ما أكلموش عشان ممكن يقل أدبه أو يتطاول ويبقي شكلي وحش».

في لحظة واحدة كانت نجوان قد تخلت عن حذرها لتتدخل في الحديث قائلة: «لأ نظام الأوتوبيسات ده لازم ينضرب طبعا..» ثم بادرتني مدام هاني ـ 27 سنة ـ قائلة: «دلوقتي الكل بيتعاكس.. الكبيرة والصغيرة.. الحلوة والوحشة.. المحجبة واللي بشعرها أو حتي المنتقبة.. والسبب هو الانفتاح اللي مجتمعنا فيه.. يعني القنوات الفضائية وحتي الأرضية بتعرض بلاوي والشباب مش لاقي شغل ولا معاه فلوس للجواز فأنا عذراهم.. واللي باعمله في الحالات دي إني أطنش أو أبص باحتقار.. ولو خفت منه أو زودها أدخل أي محل وأقول لصاحبه وأستني لما يمشي.. لكن أكيد مش حاقف أرد عيه». كان الحماس قد ملأ أغلب الحاضرات فقالت سميرة حسين ـ 26 سنة ـ في مداخلة سريعة: «عارفة إيه اللي يغيظ.. الرجالة الكبار اللي بيعاكسوا.. يعني لو فرضنا أن الأسباب دي عند الشباب الصغير مافيش ولا مبرر لواحد متجوز ومخلف إنه يعاكس ويقل أدبه.. ودول اللي لازم يقفوا عند حدهم». اضربه لو حكمت وجهة نظر مختلفة تماما تلك التي جاءت بها أميرة سعيد ـ 21 سنة ـ عندما قالت بحماس: «طبعا عمري ما أسيب حقي.. لو واحد عاكس بكلمتين خلاص حاكبر له.. لكن لو زود في الكلام أو عمل أي حاجة تانية.. ماعنديش مشاكل أتخانق وأضربه كمان لو حكمت.. أنا مش حاستني مساعدة حد أصلا علشان ماحدش بيساعد حد اليومين دول.. كل الناس بقت سلبية وعندها لا مبالاة فأنا هاخد حقي بنفسي.. وطبعا مش حيقدر يرد عليا لأنه عارف إنه غلطان ولو رد يبقي ذنبه علي جنبه.. لكن أنا ما اسكتش أبدا».. علي نفس المنوال جاء رأي بسمة عفيفي ـ 29 ـ سنة التي قالت بكل شجاعة: «أنا مش هخاف منه طبعا ومش هاسكت له.. والله لسه حاصلة معايا في الطريق دلوقتي.. يعني أنا لو واحد اتكلم أبص له من فوق لتحت وأسيبه.. لكن لو كلامه زاد ولا إيده طولت.. ممكن أقلع الشبشب وأضربه بيه..». أما ريهام منصور ـ 22 سنة ـ فحكت رأيها بموقف واقعي ورغم غرابته بعض الشيء بدت ريهام هادئة وفخورة وهي تحكي عندما حدثت مرة «واحد استظرف زيادة حبتين.. في الأول كنت مذهولة ومش مصدقة اللي بيحصل بس في ثواني أخذت القرار انه مش حاسكت له.. رحت وراه واديته شلوت وهو ماشي مع أصحابه.. أدّور رحت شتماه وسبته ومشيت.. جالي واعتذر.. حسيت إني بجد أخدت حقي.. اسكت؟!.. ده أنا كنت أموت».. تأكيدا علي آرائهن جاء رأي حسين محمد ـ 18 سنة ـ الذي قال: «البنت المفروض ماتردش لو واحد كلمها في الشارع.. عاكسها بالكلام يعني.. لكن لو زودها أو مد إيده مثلا.. لأ تقف وتمسح به الأرض وهو أكيد هيخاف ويمشي ده لو الناس ما اتلموش عليه وأكل علقة سخنة». تدخل سريعا عبداللطيف محمود 47 سنة معترضا علي كلمات حسين فقال: «لأ طبعا.. حتفرج الناس عليها.. تمشي أحسن.. ماحدش حيعملها حاجة.. هيتفرجوا شوية وبعدين يمشوا وأكيد ممكن الولد يسوق فيها.. فالأحسن تقصر الشر وتتوكل علي الله». لطب النفسي: الثقة هي السر خرجت وأنا أجزم أن الحوار بين هؤلاء الأشخاص ـ الذين لا يعرف أحدهم الآخر ـ لن ينتهي بانسحابي واتجهت لدكتور محمد شعلان دكتور نفسية وعصبية لمعرفة رأيه في التصرف الأمثل في مثل تلك الحالات.. وجاء رده قاطعا عندما قال: «رد الفعل الطبيعي والمفترض هو الدفاع عن الحق.. البنت لازم تدافع عن حقها وتعبر عن رفضها للاعتداء ده أيا كانت صورته.. وممكن تديله قلم مثلا.. ومش المفروض تخاف لأن الناس حتساعدها وتتعاطف معاها.. بالإضافة أنه هينكسف علي دمه ويخاف.. وأهم شيء علي الإطلاق ثقة المعتدي عليها في نفسها.. مادامت واثقة من نفسها ومش مهزوزة ـ هو حيخاف منها.. وهتكسب تأييد الجمهور لها». وتضم نهاد أبوالقمصان - رئيس المركز المصري لحقوق المرأة - صوتها لصوت د. شعلان بقولها: «رد الفعل يتوقف علي الامكانيات المتاحة والمتوافرة للفتاة في هذا الموقف.. يعني مثلا لو معها أصدقاؤها أو هناك شهود تتوجه فورا لعمل محضر في أقرب قسم لأن العقوبات في هذه الجرائم رادعة والمشكلة في الصمت.. وعلي أقل تقدير لازم تأخد موقف.. تقف وتصيح به وتزعق له.. وده مافيهوش أي خطورة لأن أكبر حاجة يعملها إنه يجري وأكيد مش هيكررها مرة أخري.. الذي يقترف هذا الفعل مثل اللص يكون شديد الجبن وعموما هو يراهن علي صمت الفتاة وخجلها وإحراجها.. الظاهرة لن تنحسر إلا بالمواجهة وستزداد مادام الناس بتمرر مثل تلك الأفعال».

 



14/02/2012
1 Poster un commentaire